برشلونة فليك.. مشروع واضح ولكن بوجهٍ غير متوازن! تحليل لأبرز 6 مشاكل تواجه البلوغرانا هذا الموسم
في موسم جديد يحمل الكثير من الطموحات، يدخل برشلونة مع المدرب هانس فليك في رحلة صعبة لإعادة الفريق إلى الواجهة الأوروبية، بعد موسمٍ سابق أظهر فيه الفريق شخصية قوية وهيمنة ذهنية مميزة.
لكن مع مرور الجولات، بدأت تتكشف ملامح عدم التوازن في الأداء، رغم وضوح المشروع الفني. برشلونة هذا الموسم فريق يمتلك جودة عالية، لكنه يفتقد إلى الثبات على أرضية الملعب. في بعض المباريات ترى فريقًا مرعبًا هجوميًا، يضغط بقوة ويخنق خصمه، وفي أخرى يبدو تائهًا مفتوحًا من كل الجبهات.
لنبدأ بأبرز 6 مشاكل رئيسية تواجه برشلونة هذا الموسم.
المقال التالي ليس نقدًا سلبيًا، بل تحليل واقعي لمشاكل برشلونة الحالية، مع طرح الحلول الممكنة أمام فليك لإعادة الفريق إلى المسار الصحيح.
⚠️ المشكلة الأولى: البدايات الباهتة وضعف التركيز في انطلاقة المباريات
منذ بداية الموسم، يعاني برشلونة من عادة خطيرة وهي الدخول المتأخر في أجواء المباراة. يحتاج الفريق إلى 15 أو 20 دقيقة ليستفيق، وخلال هذه الفترة غالبًا ما يكون الخصم قد فرض إيقاعه، وربما تقدم بالنتيجة.
هذا التكرار الدائم للسيناريو نفسه — سواء ضد فرق كبيرة أو صغيرة — يؤكد وجود خلل في التحضير الذهني والتكتيكي. المنظومة الدفاعية لا تكون مهيأة، والظهيرين يتقدمان بسرعة قبل تثبيت السيطرة، فيتحول الفريق إلى وضعية مطاردة بدل الهيمنة.
يجب على فليك أن يزرع عقلية “الربع ساعة الذهبية”، وأن يطالب لاعبيه بتركيز دفاعي منظم قبل أي استعراض هجومي. دخول المباراة بقوة ذهنية وتكتيكية سيمنح برشلونة السيطرة منذ البداية، بدل السعي وراء التعويض في كل لقاء.
المشكلة الثانية: غياب الثبات في قلب الدفاع
من أكبر مشاكل برشلونة هذا الموسم هي دوامة التبديلات في الخط الخلفي. لا يوجد ثنائي ثابت يمنح الفريق هوية دفاعية مستقرة. رأينا فليك يبدّل بين أراوخو، كريستنسن، كوبارسي، وجارسيا بشكل مستمر، ما أدى إلى فقدان الانسجام والثقة.
الدفاع ليس مجرد أفراد، بل علاقة بين اللاعبين وتفاهم ذهني وحركي. وعندما يغيب هذا التفاهم، تتأثر المنظومة كاملة من الحارس إلى خط الوسط.
الاستقرار على ثنائي محدد — مثل أراوخو وكوبارسي — ومنحه الوقت لبناء التفاهم. فليك بحاجة إلى الثبات أكثر من التجريب، لأن الدفاع هو أساس كل مشروع ناجح.
المشكلة الثالثة: نقص البدائل الفعالة وكثرة الإصابات
الإصابات المتكررة أصبحت كابوس برشلونة الدائم. غيابات بيدري، رافينيا، جافي، وحتى لامين يامال أثّرت على شكل الفريق فنيًا ومعنويًا.
الدكة تبدو محدودة جدًا، ما يجعل الفريق يعيش ضغطًا بدنيًا متواصلًا يؤدي إلى الإرهاق وفقدان التركيز في المراحل المتقدمة من الموسم.
على فليك أن يوسّع قاعدة لاعبيه القادرين على الأداء بنفس الجودة، وأن يمنح فرصًا واقعية للاعبين الشباب مثل كاسادو في أدوار مختلفة. المداورة ليست رفاهية، بل ضرورة لتجنب تكرار سيناريو الانهيار في نهاية الموسم.
المشكلة الرابعة: ضعف الضغط العالي وفقدان استرجاع الكرة
برشلونة في بداية الموسم كان يُرعب خصومه بالضغط العالي المنظم، لكن هذه الميزة تراجعت بشكل واضح مؤخرًا. الفريق صار يفقد الكرة دون استرجاعها بسرعة، ما يمنح المنافسين فرصة بناء الهجمات براحة تامة.
غياب التنسيق بين الخطوط جعل الخصوم تتجاوز أول خط ضغط بسهولة، لتصبح المساحات خلف الدفاع مكشوفة بالكامل.
إعادة هيكلة الضغط الجماعي من جديد، مع التنسيق الكامل بين الخطوط الثلاثة. الضغط العالي ليس مجرد اندفاع بدني، بل تحرك جماعي بتوقيت وتغطية ذكية.
المشكلة الخامسة: هشاشة الأطراف دفاعيًا
من أبرز نقاط الضعف هذا الموسم هي الأطراف الدفاعية. تقدم الأظهرة المتزامن يترك مساحات شاسعة خلفهم، ومع ضعف التغطية من لاعبي الوسط أو الأجنحة، يصبح مرمى برشلونة مكشوفًا في المرتدات.
بالدي وكوندي جيدان هجوميًا، لكنهما يواجهان مشاكل في العودة السريعة والتمركز، خصوصًا عند خسارة الكرة.
يجب على فليك تحقيق توازن واضح بين الدفاع والهجوم. عندما يتقدم أحد الظهيرين، يجب أن يغطي لاعب الوسط خلفه فورًا. كما يجب أن يلتزم راشفورد ولامين يامال بأدوار دفاعية أكبر للحفاظ على التوازن.
المشكلة السادسة: الضغط النفسي وغياب الهيمنة الذهنية
في الموسم الماضي، امتلك برشلونة “الهيمنة الذهنية” التي جعلته يرعب الخصوم منذ الدقيقة الأولى. هذا الموسم، تراجعت تلك السمة. أصبح الفريق يبدأ المباراة بتوتر، ويحتاج دائمًا إلى رد الفعل بدل الفعل.
الضغط النفسي الناتج عن استقبال أهداف مبكرة جعل الفريق يفقد الثقة ويضطر إلى التبديل المبكر، مما يربك المدرب نفسه ويؤثر على قراراته التكتيكية.
استعادة الثقة تبدأ من التركيز في البداية، والتنظيم الذهني قبل كل مباراة. برشلونة يجب أن يعود ليكون الفريق الذي يفرض الإيقاع من أول دقيقة، لا الفريق الذي يستيقظ بعد أن يتلقى الصدمة.
المنافسة مع ريال مدريد في ظل هذه المشاكل
في الوقت الذي يعاني فيه برشلونة من هذه الاضطرابات التكتيكية والبدنية، يبدو ريال مدريد أكثر استقرارًا على المستوى الفني والذهني.
أنشيلوتي استطاع أن يخلق منظومة متماسكة تُسير المباريات بهدوء وواقعية، حتى عندما لا يكون الفريق في أفضل حالاته. ريال مدريد يمتلك هوية واضحة وثقة عالية في المواقف الصعبة، وهذا ما يفتقده برشلونة حاليًا.
هذه التفاصيل هي التي تصنع الفارق في سباق الليغا ودوري الأبطال، حيث لا يُسمح بالأخطاء المتكررة أو سوء الدخول الذهني.
المنافسة لا تزال مفتوحة، لكن الحفاظ عليها يتطلب من برشلونة العودة إلى ثباته الذهني وتماسكه الدفاعي، قبل أن تصبح الفجوة مع ريال مدريد واقعًا يصعب تعويضه.
المقارنة بين الفريقين في الأسابيع الأخيرة تُظهر أن مدريد يربح المباريات بالخبرة، بينما برشلونة يفقد النقاط بسبب التفاصيل الصغيرة — سواء في بداية المباريات أو في لحظات فقدان التركيز.
إن لم يتمكن فليك من معالجة مشاكل الانضباط والهيمنة الذهنية سريعًا، فإن الريال سيبتعد تدريجيًا بالصدارة، ليجعل الموسم معركة من طرف واحد، بدل صراع ناري كان الجميع يتوقعه بين الغريمين.
المشوار الأوروبي في دوري الأبطال.. اختبار حقيقي لفليك
على الصعيد الأوروبي، يبدو أن دوري أبطال أوروبا سيكون الامتحان الأصعب لمشروع فليك مع برشلونة.
فالفريق يدخل البطولة بطموح استعادة هيبته القارية بعد سنوات من الإقصاءات المؤلمة، لكنه في الوقت نفسه يعاني من مشاكل تكتيكية قد تُعرّضه للخطر أمام كبار القارة.
وحتى الآن، برشلونة لم يصل إلى تلك المرحلة من النضج، رغم وضوح هوية المشروع.
لكن إن استمرّت نفس الأخطاء الذهنية والتكتيكية، فربما يجد الفريق نفسه أمام موسمٍ أوروبي آخر ينتهي قبل الأوان.
برشلونة في النسخة الحالية أظهر لمحات من القوة الهجومية، لكنه لا يزال هشًّا دفاعيًا في المراحل الانتقالية. الفرق الأوروبية الكبيرة — مثل مانشستر سيتي أو بايرن ميونخ أو حتى إنتر ميلان — تمتلك القدرة على معاقبة أي ثغرة في الضغط أو التمركز، وهو ما يُشكل تهديدًا حقيقيًا على حلم البلوغرانا في الذهاب بعيدًا.
فليك يدرك أن النجاح في أوروبا لا يتحقق بالأداء الجمالي فقط، بل بالتوازن والانضباط التكتيكي. البطولات الأوروبية تحتاج إلى فرق تُجيد المعاناة، تعرف متى تُهاجم ومتى تُغلق المساحات.
المشوار الأوروبي قد يكون الفرصة الذهبية لفليك لتثبيت أفكاره، وإقناع الإدارة والجماهير بأن برشلونة قادر على العودة للمنافسة القارية من الباب الكبير.
خلاصة التحليل
كل هذه المشاكل مترابطة: ضعف البدايات، غياب الانسجام الدفاعي، تراجع الضغط، كثرة الإصابات، هشاشة الأطراف، وفقدان الهيمنة الذهنية.
هانس فليك لا يحتاج لتغيير المشروع، بل إلى تصحيحه بإعادة التوازن الذهني والتكتيكي للفريق. برشلونة لا يزال يمتلك الجودة والعناصر القادرة على جعله مرعبًا كما كان، لكن التوقيت الآن حاسم.
السؤال الأهم الذي يُطرح على جماهير برشلونة:
ما هي أكبر مشكلة تراها في الفريق حاليًا؟ وهل تعتقد أن فليك قادر على حلها قبل فوات الأوان؟