أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

ما الجديد

خطأ واحد قلب المباراة… لماذا تعثر أرسنال أمام البلوز؟

 


أرسنال ينجو بنقطة… وتشيلسي يفرض شخصيته: قراءة تحليلية في واحدة من أسوأ مباريات المدفعجية هذا الموسم

في بعض المباريات، لا يحتاج المشجع إلى أرقام متقدمة أو رسومات تكتيكية ليشعر بأن فريقه كان محظوظًا بالخروج بنقطة. وهناك مباريات أخرى، تتجلى فيها الحقيقة بوضوح: المنافس قدم مباراة تليق بالكبار، وفريقك لعب بأسوأ نسخة ممكنة. وهذا بالضبط ما حدث في مواجهة أرسنال وتشيلسي الأخيرة؛ مباراة يمكن وصفها دون مبالغة بأنها واحدة من أسوأ مباريات أرسنال هذا الموسم، وربما الأسوأ بعد المواجهة الافتتاحية أمام مانشستر يونايتد.

اللافت في الأمر أن تشيلسي لم يكن يلعب بكامل قوته طوال المباراة؛ بل لعب لفترة طويلة بعشرة لاعبين. ومع ذلك، كان الفريق الأزرق الطرف الأفضل تنظيمًا وتركيزًا وأداءً، بينما بدا أرسنال تائهًا، غير قادر على فرض شخصيته ولا حتى بناء إيقاع هجومي بسيط يمنحه أفضلية على خصم كان أكثر شراسة وانضباطًا.

تشيلسي الجديد… فريق قوي لا يعتمد على نجم واحد

في الموسمين الماضيين، كان يُنظر إلى تشيلسي على أنه فريق يقوم على أكتاف كول بالمر وحده. ولكن المفاجأة أن تشيلسي الحالي لا يعتمد على لاعبه الأبرز الموسم الماضي بعد غيابه؛ ومع ذلك، الفريق يقف بثبات في المركز الثالث، بفارق نقطة واحدة فقط عن مانشستر سيتي صاحب المركز الثاني، وبفارق ست نقاط عن المتصدر أرسنال.

بل وأكثر من ذلك… تشيلسي يقدم مستويات ممتازة في دوري أبطال أوروبا، ويثبت أسبوعًا بعد آخر أنه فريق منظم، يمتلك شخصية قوية ومرونة تكتيكية واضحة. ولذلك، من الطبيعي جدًا أن يشعر مشجعو تشيلسي بالفخر بماريسكا، المدرب الذي أعاد للفريق هويته وقدرته على المنافسة.

أرسنال… أداء باهت وارتباك دفاعي

لو حاولنا تلخيص مباراة أرسنال بكلمة واحدة، لقلنا: ارتباك.
الارتباك ظهر في التنظيم الدفاعي، في التمرير، في الخروج من الضغط، في التعامل مع الكرات الثابتة، وحتى في التحولات الهجومية التي بدت بلا روح ولا فعالية.

أول مشاكل أرسنال ظهرت في الهدف الذي استقبله الفريق من ركلة ركنية. ورغم أن أرسنال يعتبر أحد أقوى الفرق في التعامل مع الضربات الثابتة، إلا أن غياب الثنائية الصلبة صليبه – جابرييل كان واضحًا ومؤثرًا. فقد افتقد الفريق الكيمياء التي اعتاد عليها لسنوات بين المدافعين الأساسيين، وظهر ذلك في سوء التمركز بين موسكيرا وهنكابيه، كلاهما مدافعين ممتازين على المستوى الفردي، لكن الشراكة بينهما ما زالت غير ناضجة كفاية لتقليل الأخطاء تحت الضغط.

وإذا أردنا رصد خطأ واضح، فسنجد أن كل ركلات أرسنال الركنية نُفذت بشكل مباشر إلى يد الحارس سانشيز، في مشهد يوضح نقصًا في الفهم التكتيكي أو عدم توافق على تفاصيل التنفيذ، وهي أمور لم تكن تظهر حين يكون الثنائي الأساسي صليبه – جابرييل في الملعب.

تشيلسي كان يعرف ماذا يريد… والأرسنال لم يعرف شيئًا

منذ بداية المباراة، ظهر تشيلسي بثقة واضحة في أفكاره. وضع ريس جيمس إلى جانب كايسيدو في الوسط أعطى الفريق قوة بدنية وتنظيمًا أعلى، بينما تحرك إنزو في الثلث الهجومي ليقدم أدوارًا أكثر تقدمًا ويضغط بفاعلية على خروج أرسنال بالكرة.

ماريسكا قرأ الملعب جيدًا، وعرف أن استاد ستامفورد بريدج ليس ملعبًا واسع المساحات يسمح للخصوم بالسيطرة والتحكم. الملعب ضيق، والجماهير قريبة، والضغط عالي الشدة دائماً في انتظار أي خطأ. وهنا أتى الفارق الكبير… تشيلسي ضغط على أرسنال ككتلة واحدة، ومنع أي فرصة للمنافس لفتح زوايا اللعب أو تدوير الكرة براحة.

في المقابل، بدا أرسنال وكأنه جاء للمباراة بأفكار خاطئة. ارتيتا اختار التشكيل الخاطئ لوسط الملعب، في مباراة كانت تحتاج إلى لاعبين قادرين على التماسك تحت الضغط والصراعات البدنية، مثل ديكلان رايس وميرينو، مع لاعب ثالث يحافظ على الكرة في المساحات الضيقة. ومع ذلك، ظهر الوسط بلا تنظيم، ولا قدرة على كسر ضغط تشيلسي.

الطرد… نقطة تحول لم يستغلها أرتيتا

عندما تلقى كايسيدو بطاقة حمراء مباشرة، توقع الجميع أن يتحول مسار المباراة. فريق يلعب بـ10 لاعبين أمام أرسنال الذي يمتلك جودة هجومية كبيرة… لكن العكس تمامًا حدث.

بدلاً من أن يستغل أرتيتا التفوق العددي، أجرى تغييرًا كارثيًا بخروج ريكاردو كلافيوري وإدخال مايلز لويس سكيلي. هذا التغيير قتل قوة أرسنال على الأطراف، وأفقده القدرة على الخروج السليم بالكرة. سكيلي لاعب جيد، لكنه ليس ظهيرًا أيسر طبيعيًا، ولا يمتلك الإحساس بالمساحة أو الإيقاع الدفاعي المناسب لهذه المباريات.

والأسوأ أن أرتيتا تأخر بشكل غير مفهوم في الزج بأوراق هجومية كان يمكنها أن تقلب المباراة، مثل جيوكرس أو مادويكي، خصوصًا وأن كوكوريلا كان يلعب بطاقة صفراء منذ وقت مبكر، وكان عرضة للضغط.

تشيلسي… شجاعة، تنظيم، وذكاء

حتى وهو بعشرة لاعبين، لم يتراجع تشيلسي فورًا. ماريسكا كان شجاعًا بما فيه الكفاية ليقوم بتغييرات هجومية، مثل دخول جارناتشو بدلًا من استيفاو، في رسالة واضحة: لن أدافع فقط… سأضغط وأبحث عن الثاني.

هذه الشجاعة هي ما جعلت تشيلسي يبدو وكأنه الفريق الذي يمتلك الأفضلية الذهنية. فريق يعرف قيمته، يعرف قوته، ولا يخشى المنافس مهما كان حجمه.

وعندما تقدم تشيلسي بالهدف، كان الأمر طبيعيًا ومنطقيًا قياسًا بمجريات اللعب. ولولا تراجع الفريق الأزرق المبكر للحفاظ على التقدم، لربما لم يتمكن أرسنال من العودة بهدفه المتأخر.

الظروف لا تبرر الأداء… وأرسنال كان شبح فريقه

يمكن تفهّم تأثير الغيابات على أرسنال، ويمكن تفهّم ضغط المباريات، لكن لا يمكن أبدًا تبرير أداء باهت بهذا الشكل. الفريق كان بلا شخصية، بلا سرعة، بلا إبداع، حتى الفرص المحققة كانت غائبة تقريبًا.

اللافت أن تشيلسي كان بإمكانه إنهاء المباراة دون معاناة لو سجل الهدف الأول في وقت متأخر بدلًا من بدايات الشوط الثاني، لكن الهدف المبكر أجبرهم على التراجع وجعل المباراة مفتوحة نسبيًا.

خلاصة القول… تشيلسي في صعود، وأرسنال في تساؤلات

أرسنال ما زال في القمة، نعم… لكنه لن يبقى طويلًا لو استمر بهذا المستوى. الخلل في الدفاع كان واضحًا، والوسط غير قادر على فرض السيطرة، والهجوم بلا حلول واضحة.

في المقابل، تشيلسي يزداد قوة أسبوعًا بعد أسبوع. ماريسكا أعاد الروح للفريق، صنع من بيدرو نيتو لاعبًا مختلفًا تمامًا، ومنح الفريق شخصية جماعية قوية تظهر في كل مباراة. وحتى المدافعين الذين لا يملكوا أسماء ضخمة، مثل تشالوباه، يقدمون أداءً عالي الجودة.

الفرق بين الفريقين في هذه المباراة كان واضحًا:
– تشيلسي يعرف ما يريد
– وأرسنال لم يعرف من أين يبدأ

وفي كرة القدم… ذلك يكفي لتصنع الفارق.

تعليقات